القط العسيري.. فن ابتكرته المرأة وأدهش العالم

القط العسيري.. فن ابتكرته المرأة وأدهش العالم

يعرض لكم موقع ArabWriters القط العسيري.. فن ابتكرته المرأة وأدهش العالم

بدأ في الانتشار بين الأجيال الجديدة..

تنقش سيدات عسير على منازلهن، قديمًا وحديثًا، أشكالًا هندسية متنوعة بطريقة فنية جميلة، يطلق عليه اسم “القط”، وهو الفن الذي نال إعجاب العالم أجمع.

وقالت الفنانة التشكيلية التي برعت بفن القط العسيري، جميلة ماطر، لـ”عاجل”، إنه تم تسجيل فن القط العام الماضي، في منظمة اليونسكو؛ ليكون تراثًا عالميًا، وهو يعد فنًا تجريديًا، ونشأ في منطقة عسير حيث تقوم به النساء لتزيين بيوتهن وعمل ديكور داخلي للمنزل، خاصة غرف الضيوف والمجالس كنوع من الترحيب بالضيف، وقد حولن سكون الجدار إلى لوحة تعبر عن حياتهن البسيطة؛ حيث يخترن أنماطًا هندسية وتصاميم مختلفة متناسبة، تتشكل فيها العديد من الخطوط والرسومات، لكل منها مصطلحها الخاص والتي تعبر عن الفنانة ومكنوناتها وتحويل قصة حياتها البسيطة إلى فلسفة هندسية تجريدية.

وأكدت أن فن القط يحكي تاريخ الألوان في منطقة عسير؛ حيث بدأ هذا الفن بألوان ترابية، وقامت المرأة باستخراج الألوان من البيئة والأشجار والطين، وجمال هذا الفن لا يعتمد فقط على أشكاله وأنماطه، وإنما يعتمد كذلك على صناعة المرأة للألوان من الطبيعة، واعتمدت الألوان الترابية كالأسود والأبيض والأحمر والأخضر، وهي ما تعرف في علم الجيولوجيا بالصخور الطبشورية، وهي صخور تستخدم لصناعة الأصباغ، كذلك استخدمت ألوان الأخضر من الأشجار والأصفر من شجر العصفر.

بعد ذلك تتم إضافة اللون الأزرق الذي يأتي عن طريق التجار.

وأضافت “ماطر”، أن دخول الألوان الكيميائية جعل المرأة تبدع بإضافة ألوان جديدة كالبرتقالي، ومن هنا نجد أعمال الفنانة الكبيرة فاطمة أبو قحاص رحمها الله، عندما أضافت الوردي والسماوي، وعملت على دمج الألوان، وتعتبر مجددة لفن من سبقها من الفنانات.

وأكدت أن هذا الفن صنع هوية لمنطقة عسير، والجميل أن من صنع هذه الهوية هي المرأة العسيرية، وبما أن منطقة عسير مقبلة على انتعاش  اقتصادي وسياحي، وستكون واجهة للسياحة في المملكة، فمن المهم هنا هو الاستمرارية ومواكبة الفنون المعاصرة، وربما من أكبر الأخطاء التي نرتكبها أن تعد التراث أمرًا قديمًا لا يمكن تجديده، بل يجب أخذه كما هو بلا أي تعديل أو تطوير أو تحديث، وهذا يجعله ضعيفًا هشًّا بعد مدة، بعيدًا عن احتياجات اليوم، فيرى الناس تلقائيًّا أن الحل هو استبدال الحديث مكان التراث؛ لأنه أنسب وأكثر ملاءمة لمقتضيات العصر.

وتابعت “ماطر”، أنه يوجد عدد من  الفنانات مهتمات بفن القط، فقبل سنوات لم يكن هناك سوى الفنانة فاطمة أبو قحاص، وعدد قليل من الفنانات الكبار بالسن، من ضمنهن الفنانة فاطمة حسن، وقد اهتم الأمير خالد الفيصل بتكريمهن؛ كونهن محافظات على التراث، بالإضافة لاهتمام هيئة السياحة والتراث بهذا الفن.

وأضافت أنه قبل 15 سنة تقريبًا عندما بدأت بالعمل مع علي مغاوي وزوجته فاطمة، في ذلك الوقت لم يكن هناك اهتمام من المجتمع نفسه، حيث هجر الجميع هذا الفن بفعل الحداثة والعولمة، وكانت العمالة الوافدة تقوم بدور المرأة، وهجرت البيوت القديمة بفنها، وعند تسجيل فن القط في اليونسكو كتراث عالمي، اتجه المجتمع بشغف لهذا الفن والعمل على تطويره والمحافظة عليه.

وفن القط العسيري موجود في أغلب قرى عسير، ورجال ألمع، وأبها وما جاورها وبلاد قحطان وقرى أخرى، وكل قرية تختلف عن الأخرى في طريقة الرسم والتلوين، فقرى رجال ألمع تعرف فيها البترة التي تكون في  المجلس، والتي تضم جميع مفاهيم الفن وأسسه، وتتميز بتنسيق الألوان والاهتمام بالظل والنور.

أما بلاد قحطان فالمحاريب هي أهم عناصر فن القط، وتتميز قرى قحطان بإضافة اللون الفضي والذهبي، وبعض القرى تستخدم فقط الطين باللون الأسود والأبيض والأحمر، ولا تميل إلى تعدد الألوان، وهذا ما جعل لهذا الفن اتجاهات بالإضافة إلى أن أغلب المنازل بعسير لديها جدارية لفن القط، فأصبحت المنازل متاحف فنية، مضيفة أن “أول مشاركتي لفن القط كانت عند دراستي بنيويورك؛ كنت أقيم ورشًا فنيه لفن القط، وجعلت كثيرًا من  المشاركين في الورشة يقومون بعمل جداريات في منازلهم”.

وذكرت “ماطر”، شاركنا بعدد من المعارض في أمريكا وفرنسا وبريطانيا، حيث لقي فن القط تألقًا وتفردًا وسط الفنانين العالميين، ولم يكن متفردًا بمعروضاته فحسب، ولكن بالدهشة من إبداع المرأة في خلق ألوانها وتناسق تلك الألوان، ورسم خطوط حياتها البسيطة برسوم هندسية غاية في الجمال، وهذه المعارض كانت فرصة لتبادل الثقافات والخبرات.

وأضافت أن هذا التواصل يفتح جسورًا مباشرة للتعرّف على الآخر بما لديه من نظرة مختلفة لهذا العالم، وهذه المعرفة تساعد على تقييم الذات مقارنة بالآخرين، فيتعرّف الإنسان على موقعه الثقافي وفق معطيات العصر الحديث، كما أنها تعطي درجة عالية من الاحترام الذاتي للتاريخ والحضارة.

من جانبها، أشارت الفنانة التشكيلية والمختصة بالقط العسيري عفاف دعجم، إلى أن فن القط في معاجم اللغة العربية يعني “خط أو نحت أو قطع”، ويسمى أيضًا بالنقش أو الزيان، وهو فن تراثي جدراني احترفته النساء في منطقة عسير، ويضم أكثر من 11 محافظة، فالقط حرفة نسائية.

وتابعت أنه في بداية القط العسيري كان يستخدم اللونان الأسود والأحمر، وبعدها بدأت النساء باستخدام الألوان المستخرجة من الطبيعة مثل الأخضر (البرسيم) والأسود (الفحم) والأحمر(حجر المشقة) والأصفر (الكركم)، وهكذا.. ويتم مزجها بالصمغ النباتي حتى تعطي ثباتًا للون، مؤكدة

أن هذا الفن له دلالة واضحة بأن عسير ملهمة ومنبع جمال منذ القدم، كما يدل على حرص المرأة واهتمامها بأدق تفاصيل منزلها الطيني، مشيرة إلى أن هناك حرفيات قديرات ورائدات للقط وأعدادهن ليست بالكثيرة، لكن بعد توثيقه باليونسكو بدأت تتجه له الأنظار.

وتابعت “دعجم” قائلة: شاركنا بفن القط في معرض أيام الشارقة التراثية بدورتها الـ16 بحضور ورعاية حاكم الشارقة الدكتور الشيخ سلطان القاسمي، ولاحظنا اندهاش الزوار من كافة أنحاء العالم وإعجابهم بدلالات ومفردات وألوان القط العسيري، وبعضهم يحكي بأنه قريب من تراثهم وخصوصًا بأمريكا اللاتينية ودول المغرب العربي.

اكتشف وبالمثل المزيد من المقالات في مجلتنا و في تصنيفات علم النفس و الصحة .

نأمل أن تكون مقالتنا القط العسيري.. فن ابتكرته المرأة وأدهش العالم قد اعجبكم
ندعوك إلى مشاركة المقالة على Facebook ، instagram و e-mail مع الهاشتاج ☑️

Comments
Loading...